للأسف الشديد أن تقنين العلاقة بين الحزب و الدعوة تُرِك حتى تفاقمت الأزمة بين إدارة الحزب و إدارة الدعوة وكأننا لم ندرك منذ الأيام الأولى للعمل السياسى حتمية وضع ضوابط للتنسيق بين عمل الكيانين سيما و أن كل العقلاء يسلّمون بأن العلاقة بين الكيانين علاقة عضوية و أنه يستحيل إستغناء كيان عن الأخر ، و لكن هكذا وجدنا أنفسنا فى هذه الأزمة ، و للأسف الأشد أننا وجدنا أن من يدير الأزمة هما طرفاها ، اللذان هما فى حقيقة الأمر جزء من المشكلة و ليس جزء من الحل فى وجهة نظرنا ، حيث يدعى كل طرف إمتلاك الحق ، والحقيقة أن كلا الطرفين يمتلك جزء من الحق ، كما هى أغلب الخلافات فليس هناك طرفٌ يمتلك الحق كاملاً و إلا لما ظهر الخلاف ، إذا سلّمنا بذلك ، كان السبيل لإدارة الأزمة هو الإلتفاف حول القدر المشترك من الحق بين الفريقين ، و توفير المناخ الملائم لتبنى الفريقين للحل ، ولكن ستبقى مشكلة هى أن الحل سينجم عنه خسائر بشرية من الجانبين ، وقبل أن نشرع فى الحل يجب أن نستعرض الوضع فى إيجاز ، بدأت الخلافات الأخيرة بقرار من رئيس الحزب بالدعوة للإنتخابات الداخلية لإعادة هيكلة للحزب فى شهر رمضان عارضها أعضاء الهيئة العليا فى الحزب ، و ما لبس الطرفان أن إتفقا على تأجيل الإنتخابات و إعادة هيكلة لجنة شئون العضوية بالحزب ، إلا أنه و مع إقتراب الميعاد الجديد للإنتخابات ، أطلّت الأزمة من جديد بسبب إعتراض رئيس الحزب على الطريقة التى تدير بها لجنة شئون العضوية الإنتخابات ( مع ملاحظة أن الإتفاق كان قد تم على إعادة تشكيل هذه اللجنة إلا أنه لم يُفعًّل )، وعليه قرر رئيس الحزب بصفته وكيل المؤسسين تأجيل الإنتخابات وحل لجنة شئون العضوية ، وقابل هذا التصرف "الأحادى" من رئيس الحزب قراراً من الهيئة العليا ( و التى كانت تعارض إجراء الإنتخابات فى بادىء الأمر ) "منفردة" بإجراء الإنتخابات و بنفس تشكيل لجنة شئون العضوية ، متجاهلة بذلك قرار رئيس الحزب و إعتباره لاغيا أو كأن لم يصدر ، ولا يخف على عاقل أن هذه الأحداث يغذيها صفات شخصية فى الطرفين لا داعى للخوض فيها فمن يهمهم الأمر يعلمونها جيداً ، وإن كان كل فريق يستميت فى نفى التهمة ، إلا أنى أعتقد أن النفى بالكلية غير مقبول .
و إذا إبتعدنا عن الأزمة وجدنا أن صوت العقل يحتم إجراء الإنتخابات الداخلية فى أقرب وقت ، فكلا الطرفين تبادلا المواقع فى قبولها و الإعتراض عليها ، وتبقى الإنتخابات الداخلية هى القدر المشترك بين الفريقين فالإعتراض الحقيقى لم يكن عليها بقدر ما هو على الطريقة التى أديرت بها ، كذا يستبين لنا أن مظهر الخلاف هو وجود لجنة شئون العضوية بتشكيلها الحالى ، ومن ثمَّ يتبين أن نزع فتيل الأزمة يدور حول إعادة تشكيل لجنة شئون العضوية ، و رغم أن هذا التصور كان كفيلاً بعدم شق الصف كما هو حادث الأن وكان مانعاً من تصدير الأزمة إلى الإعلام الحاقد ، إلا أن أحداً من الطرفين لم يتبن هذا الطرح ، لذا لزم أن يتبنى هذا الطرح شخصيات مجمع عليها فى شكل لجنة من حراس المنهج لتخطى هذه العثرة ، ولعل كثيراً من هذه المشاكل ستُحل تلقائياً بإنتخابات نزيهة لا مطعن عليها تفرز لنا هيئة عليا مستقلة و قيادات غير مطعون فيها يكون ولائها للمنهج لا للأفراد ، كل ذلك كخطوة أولى نحو إستكمال بناء الحزب و وضع ضوابط العلاقة بينه و بين الدعوة . .... و مازال للحديث بقية ....... محمد المرشدى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق